حنّة العروس..غابت العروس والحنّة معاً !
عبد العظيم العبد الله
تميّزت أعراس الماضي في الجزيرة السورية بالكثير من الطقوس الجميلة، يعيش الأهالي من خلالها ولعدّة أيام على أنغام الرقص والفرح والغناء، ناسين وتاركين أعمالهم و واجباتهم، ومسخرين كل الساعات في بيت العريس والعروس للفرح ونشر البهجة، يلتزم كافة أهالي القرية أو الحي مع فرحة بيت صاحب العرس، ومن أجمل اللحظات التي كانت ترافق زفاف العريسين هي ليلة الحنة، غابت تلك الليلة مع سنوات الحرب، أمّا ذكرياتها وأيامها وكل لحظاتها الممتعة باقي في الأذهان وتحفظها الصور.
حنة العروس.. بقيادة خبيرة الغناء
اليوم الذي يسبق الزفاف، كان مخصصاً لحنة العروس، تحديداً في ساعات الليل، وتبدأ لحظاتها مع شمس الغروب، بكثير من التفاصيل الاجتماعية والفنية، تحدّثت عنها السيدة زهرة صالح من خلال حديثها لجريدتنا: «كانت أيام جميلة للغاية، فيها يجتمع الأهل والأصدقاء المقربون من العريس والعروس فقط، تكون حلقة وحفلة دائرية مصغرة، أقل من حضور يوم الزفاف، نترافق مجموعة من البنات والنساء والشباب مع العريس المقربين منه، ونتوجه إلى بيت العروس، ومعنا صحن دائري مزين بالشموع وزينة الأفراح، وعند الوصول يتم وضع كمية من الحنة في الصحن، وتحمله الفتيات على الرؤوس ولبقية حوله يشكلون حلقات من الرقص والغناء، وهناك سيدة تكون أكبرهن سناً، وتتقن غناء الأغاني الفلكلورية، وبقية الفتيات يرددن الأغنية خلفها، بعد ساعة أو أكثر من الرقص والغناء والزغاريد وكل أشكال الفرح يتم دهن إحدى يدي العروس بالحنة، والعريس أيضاً، لاحقاً اقتصر الأمر على إصبع واحد فقط، ويلف الأصبع بقطعة قماشية بيضاء صغيرة».
الذهاب كالإياب في مراسيم الحنة
تضيف "زهرة": «بعد انتهاء مراسيم الحنة في منزل العروس، يعود أهل العريس إلى منزله، وهم على الطريق وضمن سيارتهم يغنون ويرقصون، وعند الوصول إلى منزله تستمر حلقات الرقص والغناء حتى وقت متأخر، وتمنع الراحة والنوم في تلك اللحظات الجميلة، طبعاً هناك كميات من الحنة تكون مرافقة لبيت العروس، تقدمها والدة العريس لأهل العروس من أجل توزيعها على الجيران وبعض المُقربين من العروس».
الحنّة ذكرى واندثرت
مع مرور الزمن تحولت حفلة الحنة من دهن يد العروس بالحنة ولفها بقطعة قماش، بلفها بورقة نقدية من 500 أو 1000 ليرة سورية، وبعد عدّة سنوات، تحوّلت حفلة الحنة لتقليد العروس بخاتم ذهب، واستمر الحال هكذا حتى ماتت تلك الأيام الجميلة، مع قدوم لعنة الحرب على البلد، وتأثيرها على الجميع، حتى على طقوس الزفاف، وأكثر من ذلك، في الفترة الأخيرة أقيمت بعض الأعراس بغياب احد العروسين، لوجود أحدهما في بلاد الاغتراب، وهذا ما كان أقسى، غابت الحنة وغابت العروس معاً!.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: