حاتم علي ... غِبت ولم تَغِب
عمر الشريف
لم يدرس الإخراج في كبرى جامعات أوروبا، ولم يدرسها حتّى في بلده سوريا، بل درس في معهد يعلّم أصول التمثيل والفنون المسرحية بدمشق، ربما ساعده ذلك ليدرس حالة الممثل من الهواية إلى الاحتراف، ليصبح بعدها من أهم المخرجين على صعيد سوريا والوطن العربي.
ربما ساهم في تألّق مبدع ثلاثية الأندلس، أنّه تواجد في العصر الذهبي للدراما السورية وهي من بداية فترة التسعينيات حتّى بداية الحرب في سوريا، كما أنّ شيخ شيوخ المخرجين في سوريا كما يقال هيثم حقي كان له الأثر الطيب في مسيرة حاتم.
لم أحب في هذه الكلمات أن أرسم مسيرة مخرج لامع أو فنّان كبير بسطور قليلة، فبإمكان القارئ أن يذهب إلى عدة مواقع أهمها "ويكيبيديا" ليظفَر بهذا، بل السبب أنّه راودني في الفترة الأخيرة سؤال لعلّه قديم ومطروق مسبقاً، وقد تكون الإجابات عليه كثيرة ومتشعّبة، لكنني قرأت السؤال بشكل آخر، أنّ "ما سرّ تفوق الدراما السوريّة في الوطن العربي؟، ولماذا هي في المراكز الأولى إلى الآن رغم تأثير الكارثة التي لحقت مختلف القطاعات في سوريّا وأهمّها صناعة الدراما؟
تحدّثت مع نفسي، وكما يقال "فصفصت" حال الدراما في الفترة الذهبية، وقلت: "إن تحدثنا عن الدراما التاريخية، ما الذي يستذكره المتابعين منها؟"، أجبت وبشكل بديهي: "(الزير سالم، صلاح الدين الأيوبي، ثلاثية الأندلس "صقر قريش، ربيع قرطبة، ملوك الطوائف"، التغريبة الفلسطينية، عمر)، ربما نستطيع أن نقول أنّ هذه المسلسلات من نخبة الدراما التاريخية في سوريا وهم لحاتم علي".
ونظرت إلى الدراما الاجتماعية، فرأيت أنّ لـ (الفصول الأربعة، أحلام كبيرة، على طول الأيام، عصي الدمع، الغفران وغيرهم الكثير) حصّة الأسد من الدراما الاجتماعية في تلك الفترة.
كما أحببت أن أغوص في الكوميديا، فوجدت أنّ له بصمة في العمل الكوميدي الأبرز في تاريخ الدراما السوريّة "مرايا" فساهم في تغيير شكل السلسلة عندما أخرج الجزأين (مرايا 98، 99)، كما أعاد القدير دريد لحّام إلى سكة الأعمال الكوميدية الناجحة بـ "عائلتي وأنا" بعد تعثّره في مسلسل "أحلام أبو الهنا"، كما أسند أول دور بطولة للنجم الشهير قصي خولي حينها.
قلت في سريرة نفسي "كل هذه الإنجازات لا تصنع منه صاحب فضلٍ في ازدهار الدراما السوريّة وتفوقها في الدراما العربية، فالدراما السوريّة تحتوي على العديد من المخرجين الذين صنعوا أعمالاً مبهرة كان لها الفضل أيضاً في إنجاز الدراما السوريّة، كالليث حجو (بقعة ضوء، الانتظار، ضيعة ضايعة، ضبّو الشناتي)، والمثنّى صبح (ليس سراباً، على حافّة الهاوية، القعقاع، جلسات نسائية)".
وبالنظر إلى هؤلاء المخرجين وجدت أنّهم تتلمذوا على يد حاتم علي في العديد من المسلسلات كـ (الفصول الأربعة، مرايا 98-99، عائلتي وأنا، أحلام كبيرة، التغريبة الفلسطينية، عصي الدمع).
خلاصة القول، غاب حاتم مؤخراً عن سوريا، ولم يغب عن الأذهان، فأعماله باتت بمثابة الشمعة المضيئة في تاريخ الدراما السورية، ومسيرته شكّلت علامة فارقة بين مخرجي عصره، لذا يمكنني القول أنّ حاتم باقٍ حتى رغم غربته.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: