Friday May 3, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

فوضى السياسة النقدية القديمة !

فوضى السياسة النقدية القديمة !

الدكتور سنان علي ديب

ما زال سعر صرف الدولار سراً باطنياَ لا يعرف به إلا قلة، وما زال السؤال، هل هذا السعر انعكاس للاقتصاد ويتناسب معه أم هو سعر اختياري متوافق عليه لتحقيق توازنات ومؤشرات معينة؟

جميعنا يعلم انعكاسات سعر الصرف على مختلف المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية وثقله كمؤشر ثقة عام على قوة الاقتصاد، لذلك استمر التساؤل هل هذا السعر هو نتيجة المضاربات واستمرار لـ"الإرهاب الاقتصادي" الهادف لابتزازات سياسية لن تقبل بها الدولة عبر "الإرهاب العسكري"، وسط قوى مسلحة بأكثر أنواع الأسلحة تطوراً من أكثر من ثمانين دولة ووسط "إرهاب اقتصادي" عبر حصار وعقوبات غير شرعية ولا إنسانية لدول تدّعي أنها جسر الوصول لفرض الإنسانية والديمقراطية وحقوق الإنسان، بينما واقعياً هي العدو الأكبر ومانعة تطبيقها بكل الوسائل الممكنة.

ما ساقنا إلى مقالتنا هو تجاوز سعر الصرف حدود الـ ٦٠٠ ليرة ضمن ذهول شعبي وصمت حكومي، وسط صدمة للمتابعين والمراقبين لهذا الصمت لأسعار وهمية لسوق سوداء مرئية وظاهر وسهلة الضرب والاجتثاث عبر أعداد صغيرة محمية لا تنتمي للوطن ولا لأي ذرة تراب أو دم ولبضع صفحات فيسبوكية تبث من الداخل أو مناطق خارج سيطرة الحكومة أو الدولة أو من مناطق محاذية حدودياً، لتكون هذه الأدوات الضعيفة الحجم ذات التأثير الكبير على فرض  سعر صرف مهول يضغط  نفسياً على المواطن وعلى الاقتصاد عبر توهينهم وسط ترقب وانتظار لما ستكون ردة فعل الحكومة عبر "مصرفها المركزي"، وعبر قوة الجهات المختصة لتجفيف هذه البؤر، وكل هذا وسط ثبات سعر صرف المركزي ووسط أجواء كانت توحي بتخفيضه، فهذا الارتفاع كان في ظل فترة شهر رمضان المبارك وفترة الأعياد وكلنا يعلم حجم التحويلات التي تأتي في هذه الفترة وفي فترة عودة الأهالي من الاغتراب والسفر، وفي ظل قرار بإعادة دولار التصدير وجدولة الاستيراد وفقا للأولويات عبر الاحتياجات الضرورية وضمن أدوات كثيرة تملكها الحكومة أمام بضعة "فاسدين" معاديين لـ"سوريا" وشعبها، وحتى نكون منصفين لم تكن مسيرة سعر الصرف خلال الأزمة واضحة أو تعكس الواقع العسكري والاقتصادي وبالتالي الواقع النفسي.

رأينا سابقاً كيف كان "المصرف المركزي"، في ظل الحاكم السابق، يتدخل لتثبيت السعر فوق "السوق السوداء" رغما مما أتيح له من فرص في وقتها كنا نتمنى أن يثبت بسعر جاهز لامتصاص أي ارتفاع "فجائي" ولمواجهة المضاربات، وكنا نخمن بأن لموضوع التحكم بالقدرة الشرائية عبر التضخم المصطنع.

وبشكل عام السعر لا يأتي من العرض والطلب، وإنما كان الهدف التثبيت لأبعاد استراتيجية بنظرهم ولكن لم نجد أي أبعاد لتثبيتهم، ولم نجد مرونة بالسياسة النقدية خلال الإرتفاع الأخير المترافق بضجة إعلامية هدفها محاربة البلد اقتصادياً بعد أن فشلت المواجهات العسكرية.

أهم السبل هي الإعلام التوضيحي بشكل واقعي يشرح ما يجري ويعطي ثقة، لم تفقد وسط أصعب الظروف فكيف بالظروف التي تسيطر عليها سياسة نقدية واضحة السلوك والأغراض ومواجهة السوق السوداء ومن يقف وراءها بعقوبات كبيرة لأنها تترافق مع محاولة تدمير البلد اقتصادياً.

وخاصة أنه لا يوجد نقص بالاحتياطي والتوقعات بدخول كميات كبيرة عبر زيادة التحويلات والسياحة وعودة جزء من الأموال المهربة نتيجة ظروف البلدان المحيطة والتدهور الثقافي المالي لمصارفها.

إن مفاعيل السلوكيات الاقتصادية ذات الخلفية اللإنسانية خطيرة وخاصة في ظل ظروف غير مستقرة وغير مكتملة للإحاطة التامة بمنعكسات الحرب، وهي ما تستدعي تكافل وتعاون جميع القوى وسياسات استثنائية لاحتواء ما يخطط له من زيادة تهشيم المجتمع، نحن بانتظار لحظات لبث الفوضى، وهنا لا بد من مواجهة الأدوات بقوة ومراجعة السياسات الماضية خلال الأزمة، وكذلك تصويب السياسات الإعلامية بمحتوى واقعي مقنع يوضح للشعب ما يحصل ويشخص الواقع الراهن.

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: