"دمشق" ترفض "حماس" بـ "الثلاثة" !

خاص
تكمن مصالحة "إيران" في جذب "حماس" لاصطفاف سياسي قد يعرقل "صفقة القرن"، التي طرحتها الولايات المتحدة الأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية، وتدعمها دول عربية على رأسها "السعودية"، كما إن لـ"طهران" مصلحة في التحالف مع الدول ذات الطابع الإخواني كـ "قطر - تركيا"، بهدف تخفيف حدة الحديث السياسي عن وجود صراع "سني - شيعي"، تروج له السعودية كعامل محرك للعرب خصوصا، والمجتمعات الإسلامية عموماً ضد "إيران"، الساعة للعودة إلى وضعها الطبيعي كقوة اقتصادية في المنطقة خصوصا، وسوق النفط عموماً.
وإن كان الحديث عن "الوساطة الإيرانية"، لإعادة العلاقات بين "الحكومة السورية" وحركة "حماس"، قد حسم من خلال التصريح الرسمي السوري، فإن الواقعية التي تبني فيها "دمشق"، علاقتها مع الأطراف المتعددة، كانت ستفرض السؤال عما ستكسبه "سوريا" من هذه العلاقة، مع الإشارة هنا إلى أن الدولة السورية قد تذهب نحو إعادة تطبيع العلاقات مع الدول التي أخذت اصطفافاً سياسياً معادياً لها، إذا ما تبدلت منهجية هذه الدول بالتعامل مع الملف السوري، ولنأخذ العلاقات مع الإمارات العربية المتحدة مثالاً حياً، لكن "دمشق"، لن تذهب نحو علاقة مع "حركة حماس"، على الأقل مرحلياً، لانعدام الثقة السورية بالإخوان المسلمين وحركاتهم، وعدم وجود مصلحة من إعادة ترويض الحركة التي خرج سياسيوها وعسكريوها على علاقتهم بـ"سوريا" التي قدمت الدعم السياسي والعسكري، بهدف الحصول على دعم مالي من قطر، وفي مرحلة ما من "السعودية".
إن فهم طبيعة "حماس"، كحركة قائمة على ما تمنح من تمويل مالي وعسكري من عدد من الأطراف، يمكن من تسهيل فهم أن الحركة قائمة على "المصلحة" في أي تعامل مع أي طرف، وبحجة خدمة "القضية الفلسطينية"، تمتلك حماس ثقلاً معطلاً ﻷي مشروع في الداخل الفلسطيني يمكن أن يذهب نحو الموافقة على "صفقة القرن"، وإن كانت سوريا تدعم المواقف الإيرانية في التعامل مع "حماس"، على اعتبار أن ذلك من الشأن الإيراني البحت، فإن طهران تحترم الواقعية السورية في إدارة الملفات السياسية، لكن ألا يمكن أن تذهب "دمشق" في مرحلة ما إلى "مناقشة"، إعادة علاقتها بـ "حماس"..؟
إن الاحتمال الوحيد الذي قد يأخذ "الحكومة السورية" إلى مناقشة ملف عودة "حماس"، إلى سوريا، هو أن تقوم الحركة بتبديل قياداتها الأساسية مثل "خالد مشعل - اسماعيل هنية"، مع صعود التيار العسكري فيها إلى الواجهة السياسية بقيادة "محمد الضيف"، القائد العام لكتائب "عز الدين القسام" التي تعد الجناح العسكري لـ "حماس"، والمعروف بعلاقته الطيبة مع الأطراف الداعمة للمقاومة الفلسطينية، وهذا التبديل يتطلب موافقة "قطرية"، باعتبار الدوحة هي الداعم والمحرك الأساسي مرحلياَ لـ "حماس"، وقد تذهب حكومة النظام القطري نحو مثل هذا التغيير في بنية الحركة الفلسطينية إذا ما أردات التخلص من وجودها خصوصاً، والإخوان عموماً، على أراضيها بهدف فتح باب النقاش مع المجموعة الخليجية التي تحاصر "قطر"، وقد تذهب الدوحة نحو تقديم مغريات لـ"الحكومة السورية" مقابل إعادة استقبال المكتب السياسي لـ"حماس" في سوريا، من قبيل إعادة إعمار المخيمات الفلسطينية وخاصة "مخيم اليرموك"، المعروف بلقب "عاصمة الشتات"، إلا أن المعطيات المرحلية لا تشف عن نية "الدوحة" نحو مثل هذا التبديل في الموقف من الإخوان، كما إن الإدارك السوري بأن "حماس"، لم تعد إلا فخاً سياسياً لمن يتعامل معها من العرب لكون قضيتها تحولت من "فلسطين"، إلى "التأصيل لوجود الإخوان في "المجتمعات العربية"، فإن دمشق لن تذهب إلى مثل هذه العلاقة أياً كانت الوساطة أو المغريات.
إن الموقف السوري من رفض التعامل مع حركة "حماس"، كان متوقعاً بناء على رفض "دمشق"، وبحسب تقارير إعلامية متعددة، أي شكل من التعاون المنقوص مع الحكومة التركية على الرغم من وجود وساطة روسية بين "الحكومة السورية" و"أنقرة"، وليست المقارنة هنا بين طبيعة الوساطتين، الإيرانية والروسية، وإنما عن طبيعة التعامل السوري مع الخصوم، فكيف للحكومة السورية أن ترفض تعاوناً ما مع دولة محورية التأثير في الملف السوري والمنطقة، على أن تقبل تعاملاً غير مجدي ولا يصب في مصلحتها في شيء مع حركة توصف بالإرهاب من قبل الشارع السوري..؟
المصدر: خاص
شارك المقال: