باخرة حليب الأطفال وصلت.. "زلغطوا"

هبة أبو هيف 

 

بعد الغاز المفقود والمازوت وارتفاع سعر المازوت واختفاؤه، وانقطاع الكهرباء الطويل، بزغت أزمة جديدة باتت تقض مضاجع حياة الأسر السورية، إذ تتواصل منذ شهر ونصف أزمة انقطاع حليب الأطفال من الأسواق السورية ووصلت لمستوى غير مسبوق وأصبح من الندرة أن تحصل على علبة حليب تسد بها رمق طفلك الرضيع، وإن حصل ووجدت فستتفاجأ بسعرها الذي بلغ عناء السماء.

وبذلك انضم حليب الأطفال إلى أزمة المفقودات وسط غياب أي بوادر حكومية لحل المشكلة سوى وعود ووعود من مسؤولي ووزراء الحكومة الغافلة عن مطالب شعبها.

نداءات استغاثة يرسلها الأهالي لمن يعرف أين يتواجد الحليب ولو علبة واحدة ولاتزال عملية البحث جارية عن المفقود.

 

صعوبة تبديل.. والتهابات معوية

ندى (أم محمد) ثلاثينة العمر، وأم لثلاثة أطفال، أصغرهم سناً من حديثي الولادة والذي لا يتجاوز عمره الأربعة أشهر، تقول حسب تعبيرها: البحث عن إبرة في كومة قش أسهل من البحث عن علبة حليب مجفف تناسب طفلك واحتياجاته ومن النوع الذي اعتاد عليه، فبعض الأطفال اعتادت أجسادهم على التغيير، ونوع آخر يجدون صعوبة في التغيير وتقبل النوع الجديد، وتظهر عليهم بعض العوارض الصحية كالإسهال وارتفاع الحرارة والتهابات معوية آخرى.

تقول ندى بسخرية: الطامة الكبرى عندما يرفض ولدي النوع الجديد مما يضطرني إلى التبديل مرة آخرى، ومن المعروف أن علبة الحليب الواحدة سعرها ما بين 2000 إلى 2500 وهو مبلغ لا يمكنني تحمله إذا رفض ابني ذاك النوع.

أزمة احتكار أم أزمة فقد..

عند جولتنا على عدد من الصيدليات لمعرفة الأنواع المتوافرة والمقطوعة، أجمع الصيادلة على أن هناك أنواعاً من الحليب تطلب أكثر من غيرها، النان بنوعيه 1 و2 ، وبيبيلاك والكيكوز، والذي تنتجهم شركة نستله الأوربية (سويسرا) ويبلغ سعرها 6000 ليرة سورية، أما نستله الإيراني فيبلغ سعر علبة الحليب 2700 و "إس 26"، والتي أدت العقوبات المفروضة على سورية إلى انخفاض كمياتها في الأسواق رغم أننا كنا نستوردها من إيران ولكن إيران أيضاً عليها عقوبات أوروبية ما خفض من وصول كميات كبرى ونحن على موعد قريب بوصول شحنات من حليب الأطفال.

 إحدى الصيدليات قالت إن مستودعات توزيع الأدوية تعمل على تحكم واحتكار الحليب وترغمنا على أخذ طلبيات من الأدوية لتعطي 3 قطع علب من الحليب المجفف.

صيدلية أخرى قالت: الحليب كان يصلنا بطريقة الحصص، ومنذ شهر ونصف انقطع الحليب من الأسواق "كالنان بنوعيه 1 و2، والكيكوز"، إلا نوعاً واحداً وهو "إس 26" عيار 1 فقط ويتم توزيعه حالياً بطريقة الحصص، لكل صيدلية 3 علب.

وعند سؤالنا عن سبب احتكار مادة الحليب، قال الصيدلاني: بحسب توقعي أن ارتفاع الدولار له علاقة في ذلك، فسعر الدولار كان يقارب 430 وفجأة ارتفع سعره إلى 500 خلال فترة قصيرة، فبتصوري أن الشركة المستوردة لمادة الحليب إذا استوردت كمية جديدة من المادة المطلوبة بسعر الدولار المرتفع ستظهر في حالة خسارة.

 

حجج جاهزة.. والمواطن لا حول ولا قوة

تتضارب التصريحات الرسمية حول الأسباب التي أدت إلى انقطاع مادة حليب الأطفال، فنقابة الصيادلة بعد نفيها وجود أي أزمة في السوق بالنسبة لحليب الأطفال وتأكيدها على وجود بدائل، صرحت أنه خلال أيام ستدخل الشحنات الإيرانية إلى الأسواق السورية وفق عقود مبرمة.

وقال نقيب الصيادلة "محمود الحسن" مبرراً لجريدتنا: إن التعثر في وصول الحليب إلى السوق السورية هو تأخير البواخر الإيرانية المحملة بالحليب وأن السبب هي العقوبات والحصار الأميركي على إيران وسوريا، مبرراً أن الصيدليات فقدت أنواعاً من الحليب ولكن توجد بدائل عنها في كل مكان ولكن بزيادة عن سعر الحليب الإيراني بمعدل 30%.

 

الباخرة وصلت.. تهانينا 

وأضاف أن الباخرة الإيرانية المحملة بحليب الأطفال المجفف وصلت اليوم إلى ميناء طرطوس، وتم تحليل العينات في المخابر للتأكد من صحة جودتها للاستهلاك البشري، وأغلب الكميات الواصلة تعود لصالح شركة نستله للفئة العمرية الأولى والثانية وتكفي لثلاثة أشهر، ومنتجات أخرى.

وأكد الحسن، أن هناك 9 شركات أخرى ستطرح أنواعاً من حليب الأطفال خلال الأيام العشرة القادمة، وستوزع على الصيدليات والأسواق السورية خلال الساعات والأيام المقبلة.

يذكر أن سوريا لا تملك رخص لإقامة معامل وطنية لإنتاج حليب الأطفال، وسط مطالبات الصيادلة بمنح رخص لإقامة المعامل، بدلاً من الوقوع تحت رحمة الاستيراد وظروفه.

 

المصدر: خاص

بواسطة :