Friday May 3, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

أزمة الاقتصاد السوري وأزمات الإقليم وقانون قيصر

أزمة الاقتصاد السوري وأزمات الإقليم وقانون قيصر

د.مدين علي

تفاقمت المفاعيل السلبية للأزمة الاقتصادية السورية، جراء سنوات الحرب الطويلة، التي شُنت على سوريا، والتي لم تعد دوافعها ومضامينها غامضة أو ملتبسة وخافية، إذ تتوالى في كل يوم التصريحات الصادرة عن مراكز دول القرار الدولي، والتي تعبر بوضوح كبير عن مطالبها الاستراتيجية، وشروطها لتسهيل إنهاء الحرب الدائرة في سوريا، وتسهيل مسار العملية السياسية ورفع العقوبات الاقتصادية الخانقة، التي أنهكت قوى الشعب السوري، واستنزفت كل مقدراته وإمكاناته المادية والمعنوية.

لقد استطاع الاقتصاد السوري والدولة السورية أن يصمدان بقوة، وقد تمكنا من استيعاب مفاعيل الحرب العسكرية والسياسية والاقتصادية، والتكيف مع قوانينها والقواعد الحاكمة للعبة السياسة الدولية الكبرى، على أراضي الدولة السورية، وذلك عن طريق اللجوء لتطبيق مجموعة من التدابير والسياسات التي اعتُمدت على مستوى الداخل والخارج، ولن أتطرق لموضوع الخارج، ولكن بالمجمل استطاعت سوريا على المستوى الدولي، أن تبني تفاهمات معينة، مع دول حليفة وأخرى صديقة، جمعتها معهم وحدة المصالح الاستراتيجية والمصير أولاً، كما جمعها معهم الاستهداف الأمريكي، لوجودهم واحداً تلوى الآخر وفق مخطط زمني ومراحل مدروسة بتفاصيل دقيقة وعناية فائقة.

وأعود إلى الداخل، حيث يواجه كل من الاقتصاد السوري، والبنية الاقتصادية (الإنتاجية والخدمية) صعوبات من العيار الثقيل بالكم والكيف، تحتاج لموارد اقتصادية ومالية ضخمة، ولكوادر نوعية وخبرات ومعارف، بتنا نفتقد للكثير منها في مختلف المستويات الإدارية ومراكز صنع القرار، كما تحتاج إلى قدرات تقنية وتكنولوجية كبيرة جداً غير متوفرة في الواقع، وقد لا تكون متوفرة، حتى لدى الكثير من الأصدقاء والحلفاء، الذين يواجهون بدورهم تحديات أخرى من طبيعة مختلفة.

وفي كافة الأحوال، و عودٌ إلى بدء، حيث صمد الاقتصاد السوري، وبدد أوهام بعض من راهن على كسب جولات الحرب من بوابة الاقتصاد، وسياسة الخنق والتجويع من أجل التركيع، والتي ما يزال الرهان على استخدامها، موضع وموضوع تخطيط وتدبير، اتجهت قوى الاستهداف نحو استراتيجية حرب اقتصادية بديلة ضد الدولة السورية تنطلق من محورين اثنين: الأول يتمثل بتسريع خطى قانون قيصر وتسهيل عبوره من الكونغرس إلى طاولة الرئيس الأمريكي "ترامب"، والثاني  يتمثل بإعادة خلط الأوراق المتعلقة بالملف السوري من جديد، وذلك عن طريق خلق حالة من الفوضى، تستهدف المجالات الحيوية الإقليمية، التي تحيط بسوريا، والتي تؤثر بقوة على الاقتصاد السوري، بدايةً من العراق، الذي انفجرت أزمته بالتزامن مع صدور قرار الحكومة العراقية، القاضي بفتح معبر (القائم ) بين سوريا والعراق، وانتهاءً بلبنان حيث يتواجد عدد كبير من السوريين، الذين يقومون بتنفيذ عدد كبير من التحويلات المالية  إلى سوريا، سواء كانت تحويلات عائدات عمل وأجور عمال سوريين مقيمين في لبنان، أم عوائد رأسمال وتوظيفات مختلفة،  وودائع مالية وأنشطة اقتصادية، انتقلت من سوريا إلى لبنان، جراء ظروف الحرب، وطول أمدها إلى سنوات تسعٍ وما تزال. ولا يمكن بالمنظور ذاته، تجاهل القرار الأردني، بخصوص وقف الصادرات السورية إلى الأردن، ووضع العديد من القيود والعراقيل ضدها.

وفي كافة الأحوال، إن ما تقدم لا يغفر لنا على الإطلاق، التجاهل، ولا صرف النظر عن جوانب القصور، ومكامن الضعف في السياسات، واستفحال حالة الفساد والترهل التي تسيطر على المؤسسات، والتباطؤ في إطلاق عجلة الإنتاج وتسريع وتائرها، واتخاذ كافة الإجراءات والتدابير الضرورية، لتنشيط الاستثمار، ورفع معدلات النمو الاقتصادي غير الإيجابية، وتحفيز الإنتاج، الذي يعد خشبة الخلاص، والمدخل الأساسي لتعزيز قوة الليرة السورية وكبح جماح التراجع في سعر الصرف، وبالتالي إخراج الاقتصاد السوري من حالة الركود الشديد، التي شلّت مفاعيله، وأصابت مفاصله بالتكلس.

المصدر: خاص

شارك المقال: