الواقع الحقيقي لشركات التطوير العقاري
د.مدين علي
يعد قطاع التطوير العقاري والبناء والتشييد في سوريا، قطاعاً إنتاجياً، كأيّ قطاع اقتصادي آخر، يسهم في تكوين الناتج المحلي الإجمالي، بنسب معينة، تختلف من عامٍ لآخر، ويلعب دوراً كبيراً في تحفيز النمو، وتنشيط الاقتصاد، ورفع مستوى الاستخدام والتشغيل، وتخفيض معدل البطالة.
يمارس نشاط البناء والتطوير العقاري في سوريا جهات عامة، كالمؤسسة العامة للإسكان ومؤسسة الإسكان العسكرية والانشاءات العسكرية والمؤسسة الاجتماعية العسكرية وغيرها، إضافة إلى شركات وفعاليات القطاع التعاوني، والجمعيات السكنية، والقطاع الخاص.
وقد أصدرت الحكومات السورية المتعاقبة العديد من التشريعات، التي تستهدف حل مشكلة السكن، وتمليك المساكن، وتحفيز الأنشطة المتعلقة بعمليات البناء والتطوير العقاري، كقانون الاستثمار والتطوير العقاري رقم 15 لعام 2008، والمرسوم التشريعي رقم 36 لعام 2014، والمرسوم رقم 66 لعام 2012، والمرسوم رقم 37 لعام 2014، والمرسوم التشريعي رقم 59 لعام 2015، والقانون رقم 10 اعام 2018 وتعديلاته بالقانون رقم 42 لعام 2018. كما أحدث الحكومة هيئة مختصة بالإشراف على التطوير العقاري، ومع ذلك فقد بقيت المشكلة قائمة، بل تعقّدت مضامينها وأبعادها.
لقد راهنت الحكومات السورية قبيل سنوات الحرب، كثيراً على دور شركات التطوير العقاري، كآلية اقتصادية ومالية وفنية لحل مشكلة السكن في سورية. ولذا قدّمت لها كثيراً من التسهيلات، وملكتها المقاسم والعقارات، وسنت لها العديد من القوانين والتشريعات، ومع ذلك، لم يكن لشركات التطوير العقاري في الواقع أي مخرجات فعلية، لجهة ما يتعلق بعمليات البناء والإسكان والتطوير العقاري، وحل مشكلة السكن، وبقيت هذه الشركات حبراً على ورق، إذ أن نتائجها ومخرجاتها، كانت صفراً وما تزال، وكل ما انتهت إليه تلك الشركات، على مستوى النتائج والمخرجات، هو أنها تسببت في انتاج موجة عالية من التضخم، وارتفاعٍ كبيرٍ في أسعار العقارات، جراء عمليات المضاربات، التي مارستها على عقارات ومقاسم، تملّكتها بأسعار زهيدة، شابها كثيرٌ من عمليات الفساد والتصافق على حساب المال العام وأملاك الدولة، ما زاد مشكلة السكن في سوريا تعقيداً، وصب زيت نار التضخم على أسعار المساكن، ما أدى إلى ارتفاع تكاليفها، الأمر الذي فاقم من حجم المشكلة، وحمَلها مضامين تنموية مؤلمة، من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والتنظيمية.
مما تقدم يتبين لنا بوضوح، ضرورة إعادة النظر بدور شركات التطوير العقاري، وإجراء تقييم لها، وبحث الصعوبات والتحديات التي تواجه عملها، وتحديد متطلبات تفعيلها، ويبقى الأبرز في هذا السياق، هو إجراء مراجعةٍ وتقييمٍ لدور هيئة الإشراف على التطوير العقاري، والمهام التي نفذتها، والخدمات التي قدمتها، في إطار المهام والأهداف والغايات التي أُنْشِئَت لأجلها.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: