التحالفات الجديدة في الشرق الأوسط.. من يخسر ومن يربح؟
الشرق الأوسط يدخل مرحلة جديدة من العلاقات والتحالفات، تكتسب فيها الدبلوماسية زخماً إصافياً يتوافق مع الانكفاء الأمريكي من المنطقة.
في المقابل تبدأ النهاية لمرحلة العداء المعلن بين الدول، الذي كان عنوان العشر سنوات الماضية.
العلاقات التصالحية قد تكون قائمة على مصلحة أمن النظام في دول المنطقة، إذ يدرك أغلب الحكام أن الأمن يعتمد على السلام الداخلي وتلبية احتياجات السكان، دون التحريض والعداء للآخر في الخارج.
فمن يربح ومن يخسر من تلك العلاقات والتحالفات الجديدة ؟
قطر ومصر.. تطل الدولتان العربيتان بمظهر جديد من العلاقات بعد قطيعة سياسية بدأت مع إسقاط حكم الإخوان في مصر، الرئيس السيسي يظهر إلى جانب أمير قطر في العراق، وقبلها تتم زيارات متبادلة بين الجانبين، ترافقت مع بدء المنابر الإعلامية في البلدين بالتراجع على مهل عن مواقف عدائية معلنة تجاه الآخر، وذلك لضمان التقبل الشعبي لتلك الصلحة.
في هذه الحالة قد تكون مصر الرابح الأكبر، بعد أن كسبت المحرض الخارجي الأكبر، بهدف استيعاب حاضنة شعبية مفقودة، ذهبت يتأثير الإعلام القطري إلى إعلان العداء المطلق للنظام.
في المقابل قد تحصل قطر على مكتسبات تفصيلية صغيرة من خلال استعادة علاقتها مع مصر، تتمثل في إطلاق سراح من تبقى من قيادات الإخوان، أو على الأقل تخفيف الأحكام القضائية بحقهم.
في اتجاه آخر، تذهب مصر والأردن والعراق نحو علاقة ثلاثية عبر تحالف استراتيجي، قد يكون بديلاً للتحالفات العربية التقليدية التي أفقدت الحليف الموثوق، أيضاً قد يكون الظرف الاقتصادي حاكماً في هذا الحلف، خصوصاً أن مصر تملك ما يحتاجه العراق، والعكس صحيح، ويبقى الأردن الطريق الواصل بين الطرفين، مستثمراً ما أمكن من الحليفين القويين لتجديد اقتصاده المتضرر من كورونا.
السعودية وإيران تتجهان نحو علاقة تصالحية مع جيران مبعدين، فالرياض أنهت العداء مع قطر، وقامت بتطبيع العلاقات مع العراق بعد قطيعة دامت سنوات، وهو ما أدى بالمحصلة إلى إيجاد صلة للتفاوض مع إيران.
من الجانب الإيران، بدأ أن الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي يخالف اتجاهه السياسي، فهو منفتح على دول الخليج عامة، وبخاصة السعودية، فهو قال إنه لا يرى أية عقبات تحول دون إقامة علاقات دبلوماسية مع المملكة.
وفي المحصلة فإن استعادة العلاقة بين الرياض وطهران، قد يكون تأثيرها خارج الحدود أكثر منه بداخلها، فمن شأنها أن تحد من الصراع وحروب الوكالة فى سوريا واليمن ولبنان، وهو ما بدا في المحادثات السرية التي عقدها مسؤولون سعوديون مع نظرائهم السوريين فى دمشق.
وهنا يبرز الدور الأمريكي الذي مازال يحاول إبعاد العرب عن دمشق، وما يؤكده التقارير المسربة التي تشير إلى أن عدة دول عربية تنتظر الانسحاب الأمريكي من سوريا لتطبيع العلاقات مع دمشق.
وحده لبنان يظهر كأنه الخاسر الأكبر في معادلة التفاهمات بالمنطقة، فالوضع الداخلي لا يحتمل الانتظار أكثر إلى حين اختمار الصلحة بين الدول، فالنظام الحاكم هناك مبني على تفاهمات إقليمية غائبة حتى اللحظة، بسبب ضبابية الوضع القائم.
أخيراً يمكن القول إن التوصل إلى مستوى علاقات من أجل بنية أمنية شاملة جديدة وشرق أوسط خال من الحروب، لم يعد من قبيل التمني، فربما كان الصراع اللانهائي سـمة من سمات الشرق الأوسط في الماضي، لكنه اليوم لم يعد مصير المنطقة الحتمي، لاسيما مع تبدل أدوار الريادة العالمية، وصعود قوى دولية جديدة، تفرض كلمتها من قوة اقتصادية وعسكرية لا يستهان بها.
https://www.facebook.com/349818865578963/videos/375042490952873
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: