الليرة السورية ما بين حماية المركزي وطمع المضاربين بالسوق السوداء
نور ملحم
تسع سنوات من الحرب الشرسة على سوريا طالت جميع مقومات المجتمع و بنية الدولة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية وغيرها وفرضت الكثير من التحديات للصمود والبقاء، في وقت كثر فيه الحديث عن الليرة السورية في محاولة لضرب استقرارها وتحقيق انهيار سعر صرفها مقابل العملات الأجنبية.
يرى الخبير الاقتصادي علي الأحمد في تصريحه لـ " جريدتنا" أن الإجراءات المتخذة من المصرف المركزي لضمان ثبات سعر الصرف منذ بداية الأزمة وحتى الآن ناجحة لحد ما لكن في وقت الأزمات بشكل عام لايمكن التكهن بكافة النتائج، لافتاً إلى إن جميع الإجراءات مؤقتة لأنه في ظل استمرار الأزمة لايمكن إيجاد حلول نهائية وعلينا تحمل هذه الفترة جميعا.
وأضاف الأحمد: بعض قرارات المركزي كانت متسرعة لكن هذا أمر طبيعي في وقت الأزمات، نأمل أن لا تطول هذه الحالة فثبات السعر مرتبط بشكل وثيق بقدرة المركزي على التدخل الفاعل بالسوق بالوقت المناسب وضبطه وضمان عدم ارتفاع السعر.
وبحسب الأحمد، فأن الحظر والعقوبات الاقتصادية أدّيا إلى ارتفاع تكاليف الاستيراد، وتراجع موارد القطع الأجنبي اللازم لتلبية الطلب على تمويل الاستيراد للقطاع الخاص، وهو ما أسهم في «ارتفاع الطلب على القطع الأجنبي، وانخفاض سعر صرف الليرة مقابل العملات الأجنبية، الأمر الذي أدّى إلى ارتفاع التضخم المستورد، الذي يشكل الجزء الأكبر من معدل التضخم في سوريا».
في سياق متصل، أشار مصدر مسؤول من مصرف سورية المركزي في تصريح لـ " جريدتنا" إلى أن وضع الليرة السورية جيد وسعر صرفها مستقر بالقياس إلى ما تمر به البلاد حاليا، ويمكن للمتتبع لسعر صرف الليرة ملاحظة ذلك بوضوح، مشيراً إلى أن سوريا حافظت على استقرار صرف عملتها الوطنية، ومهما صدر من تصريحات عن هذا وذاك ومهما صرحت مصادر أميركية وأوروبية فإن سعر صرف الليرة السورية مستقر، ومصرف سورية المركزي ماضٍ في سياسته ونهجه الداعم لليرة السورية في استقرارها والمحافظة على ثبات سعر صرفها، وهو السعر الذي يبيع فيه مصرف سورية المركزي ويشتري مع المصارف الأخرى يومياً.
وأضاف المصدر، إن مخزون المركزي من الليرة السورية يغطي جميع الاحتياجات، بالرغم من كل الشائعات التي طالت هذا القطاع، مؤكداً أن عمليات التدخل التي قام بها المصرف المركزي نوعية ومهمة من خلال ضبط المخالفين من مكاتب وشركات الصرافة النظامية وغير النظامية أو من خلال إجراءاته العديدة الأخرى في بيع وشراء العملات الأجنبية وعقود مقايضتها وإجراءات أخرى، نظرا إلى الدور الذي تلعبه في بث الاستقرار ضمن السوق النقدي وطمأنة المواطن أن الليرة السورية قوية وأن سعر الصرف في السوق غير النظامية هو سعر صرف وهمي ومغالىً به وما الهدف منه إلا تحقيق مكاسب غير مشروعة من قبل البعض من خلال خلق البلبلة وإثارة القلق في نفوس المواطنين واستغلالهم لتحقيق أرباح غير مشروعة على حسابهم، مبيناً أن ارتفاع سعر صرف الدولار الامريكي تجاه الليرة السورية في السوق غير النظامية لا يعود إلى عوامل موضوعية حيث أن كميات الدولار الأمريكي المطروحة والموجودة في السوق المحلية كافية لتغطية الطلب عليه.
وبالمقابل فإن حماية ليرتنا يعتبر الآن من أهم الواجبات الوطنية الملقاة على عاتق كل السوريين, وخاصة أمام الأزمة الكبيرة التي تتعرض لها سورية نتيجة الظروف الصعبة التي يمر بها بلدنا، وهذا يجعلنا أمام تحد كبير لكيفية التعامل بشكل صحيح ومدروس, وهذا يتطلب تفعيل السياسة النقدية و المالية، للتقليل من عمل "السوق السوداء"، والتي تتأثر بشكل كبير بالدعايات المغرضة والهادفة إلى بثّ الفوضى .
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: