Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

"الإنتاج الدرامي".. بين كذبة "الصناعة" والجهل بالبديهيات!

"الإنتاج الدرامي".. بين كذبة "الصناعة" والجهل بالبديهيات!

بديع صنيج

 

كما تأثرت الكثير من قطاعات الإنتاج والصناعة سلباً بسبب الظروف في سوريا، كذلك عانت الدراما إنتاجياً وتسويقياً، لاسيما أنها واجهت حرباً خاصة من دول كثيرة، ومن فضائيات عديدة، رفضت بث المسلسلات السورية، وفي حال اشترتها فإنها تدفع أبخس الأثمان التي لا تتناسب مع الأسعار المتعارف عليها، ما منع الكثير من منتجي الدراما التلفزيونية السورية من المخاطرة بالإنتاج من أساسه، خاصةً إن لم يستطيعوا استرداد ولو قيمة التكلفة على أقل تقدير، وفي هذا الموضوع يقول المخرج "يمان إبراهيم" مدير عام شركة لاند مارك للإنتاج والتوزيع الفني: كمنتج، لا أستطيع المغامرة بعمل درامي كلَّفني الكثير إن لم أستطع تحقيق مرابح من ورائه. وعلى أرض الواقع من غير المنطقي أن نبيع منتجنا بأقل بكثير من تكلفة إنتاجه، ففي هذه الحال كيف سأدعم الممثلين والفنيين العاملين معي؟ لذا بالنسبة لي كمدير شركة إنتاج إمكانياتها المادية محدودة، لا أستطيع المغامرة بعمل درامي ضخم حتى لو لجأت إلى شركاء أو قروض، إن لم يكن لدي سوق للتصريف، لاسيما في الفضائيات العربية؟ ولنأخذ السوق الدرامية اللبنانية على سبيل المثال: في الماضي كانت الساعة التلفزيونية السورية تُشترى بما يُقارب العشرة آلاف دولار، بينما الآن باتت تُباع بخمسمئة دولار، هذا الواقع التسويقي غير عادل، وغير مشجِّع على الإنتاج».

من جهته "أسامة شقير" رئيس دائرة المخرجين في مديرية الإنتاج التلفزيوني يرى أن ما تعيشه الدراما السورية من مستوىً متدنٍ بقطاعيها العام والخاص هو نتيجة وليس سبباً، يوضح: إن «فورة» الإنتاج الدرامي في التسعينات وبداية الألفية الجديدة، لم تؤسس لصناعة درامية حقيقية، وبالتالي ما كان يُسمى حينها "صناعة الدراما السورية" ما هو إلا كذبة، بينما الحقيقة أن درامانا كانت مرتهنة للمحطات الخارجية، في ظل عدم وجود سوق محلية، فليس لدينا فضائيات لتسويق إنتاجاتنا الدرامية أسوة بمصر التي تعتمد دراماها على سوقها الداخلية».

وفي سياق متصل يعتقد المخرج "مصطفى البرقاوي" أنه عندما نريد التوجه إلى أي سوق علينا أن نخاطب جمهوره، ونراعي اختلافات اهتماماته المُستمرة، وتلك الأمور ينبغي أخذها بعين الاعتبار عندما نريد تصنيع مادة درامية، فضلاً عن ضرورة خلق سوق داخلية تتكرس عبر إنشاء محطات وبهذا يشعر المنتج بأمان، لأنه لن يخسر.

الإنتاج التلفزيوني الدرامي لا يبدأ فقط من عملية التصوير، لكن ثمة مراحل تسبق ذلك وهي الأهم، بما فيها اختيار النص المناسب لهذا الزمن وللجمهور المتوقع، وهنا تطفو على السطح مسألة تبنّي شركات الإنتاج للنصوص الرديئة، وبهذا تكون قد بنت عمارتها الدرامية على أسسس ضعيفة، وتالياً ستكون قابلة للانهيار على اختلاف الأسباب، وللأسف ما نراه هو أن معظم شركات الإنتاج السورية ليست صاحبة مشروع فكري درامي حقيقي، ابتداءً من اختيار النص مروراً بالفكر التسويق الناجع، رغم أن الإنتاج الدرامي من أهم الصناعات الثقافية في سوريا.

يوافق على ذلك المخرج "شقير" بالقول: «من الصعوبة بمكان تحقيق التوازن بين الربح والقيمة الفكرية للعمل، خاصةً أنه ليس هناك معرفة عملية بأساسيات الصناعة الدرامية والإنتاج الخاص بها. والموضوع ليس مُقتصراً على كتابة السيناريو التلفزيوني، بل لدينا جهل في بعض الأحيان بالماكياج والإضاءة والصوت،... أضف أنه تسلَّل على المهن الدرامية الكثير من الدخلاء الذين لا هم لهم سوى الربح، كما بات هناك استسهال بمعظم مفاصل العمل الإنتاجي، من كتابة السيناريو إلى التصوير إلى الإخراج... لدرجة وصل به الوضع إلى أنه يُبَث على قنواتنا الكثير من الأعمال السخيفة».

قلَّة عدد المُنتجين الفنيين هو سبب آخر في تعثُّر الإنتاج وتسويق المسلسلات، «بعدما باتت الساحة الدرامية مفتوحة أمام بعض رجال الأعمال الذي يعتبرون الدراما مجرَّد فرع آخر لتجارتهم، بينما يتعاملون معها كسلعة رخيصة، وهو ما أدى إلى الابتعاد عن الحس الفني بهذا المجال»، هذا ما أكده المخرج والمنتج "يمان إبراهيم"، مضيفاً «أسعى كمنتج لتقديم الأفضل بالتكلفة الأقل عن طريق الهروب من العديد من الأمور التي فيها نفقات زائدة»، أي أن هناك ما يُشبه عملية مواربة إنتاجية لتخفيض النفقات، في حين يعتقد «البرقاوي» أن جودة الأمور التقنية باتت شرطاً لازماً وأمراً بديهياً، فـ«أي ضعف تقني ضمن المادة الدرامية سيسقطها في امتحان التسويق، مهما كان فيها نجوم، وهذا حدث مع العديد من الأعمال»، لتبقى الوظيفة الترفيهية للمسلسل التلفزيوني النقطة الأهم التي ينبغي على صنّاع الدراما توخِّيها، على اعتبار أن إمتاع الجمهور غاية نبيلة، فضلاً عن كونه من أهم العناصر التسويقية التي تُساهم في جذب الفضائيات لشرائه وتالياً بثّه في أوقات الذروة.

بواسطة :

شارك المقال:



رابط مختصر: https://qmedia.one/b/ede5e436