الأوضاع الإنسانية في "الركبان".. نحو الأسوأ

ألغي الاجتماع الذي كان من المقرر عقده بالقرب من "مفرق جلغيم" بعمق البادية السورية لمناقشة ملف "مخيم الركبان"، والذي كان سيجمع ممثلي الحكومة السورية مع ممثلي المجتمع المدني في المخيم بوساطة من مركز المصالحة الروسي، وتقول مصادر أهلية في حديثها لـ "جريدتنا"، إن الميليشيات المسلحة المرتبطة بالتحالف الأمريكي أبلغت من حظروا الاجتماع الذي عقد الأسبوع الماضي في المكان نفسه من ممثلي الركبان، بضرورة الامتناع عن حضور أي اجتماع جديد حتى إشعار آخر.
ويبدو أن الإدارة الأمريكية عادت لتعرقل ملف تفكيك "مخيم الركبان" الذي يعاني من أوضاع إنسانية سيئة بسبب تحكم الميليشيات المسلحة المرتبطة بالتحالف الأمريكي بأسعار المواد الغذائية، إذ يبلغ سعر ربطة الخبز في المخيم 800 ليرة سورية، فيما يبلغ سعر ليتر "زيت الكاز" 1000 ليرة سورية، وهو المادة التي يعتمد عليها سكان المخيم البالغ عددهم نحو 50 ألف شخص كبديل عن "الغاز المنزلي".
وتقول مصادر أهلية إن الميليشيات المسلحة أخفت كل كميات حليب الأطفال التي وصلت ضمن القافلة الأممية الإغاثية التي وزعت في المخيم قبل شهر من الآن، وبعد مغادرة الفرق الأممية للركبان بدأت الميليشيات ببيع حليب الأطفال بمبالغ وصلت على 10 الألاف ليرة سورية، ما تسبب خلال الأيام الماضية بوفاة طفل رضيع نتيجة لعدم قدرة أهله على تأمين الحليب اللازم لتغذيته.
الرغبة الامريكية بالإبقاء على المخيم، تأتي من كونه الجدار البشري الفاصل ما بين مناطق سيطرة الدولة السورية ومنطقة خفض التصعيد المتفق عليها في البادية السورية، والتي تعرف باسم "منطقة الـ 55 كم"، وهي مساحات من البادية تحيط ببلدة "التنف" التي تتخذ منها قوات الاحتلال الأمريكي قاعدة عسكرية غير شرعية للإبقاء على طريق "دمشق – بغداد" مقطوعا لأطول فترة ممكنة، وذلك تلبية من واشنطن للمخاوف الإسرائيلية من ربط العاصمة السورية بنظيرتها الإيرانية بالطرق البرّية لأول مرة منذ ما يزيد عن 50 عاماً.
يتحدر سكان "مخيم الركبان" من ريف دير الزور الشرقي ومدن البادية السورية "تدمر – القريتين – مهين"، وكان غالبيتهم يحاول الوصول إلى الأراضي الأردنية كخطوة أولى للفرار من المناطق التي كان ينتشر بها تنظيم "داعش"، إلا أنهم أجبروا على إنشاء مخيمهم العشوائي في منطقة الركبان الصحراوية بعد منعهم من قبل حرس الحدود الأردني من الوصول إلى المخيمات المقامة في شمال المملكة الأردنية.
وتحاول الحكومة السورية بالتعاون مع نظيرتها الروسية الوصول إلى مرحلة يفكك من خلالها المخيم الذي يعد من أعقد الملفات الإنسانية العالقة في سورية، وقد أبدت دمشق مرونة كبيرة في ملف "الركبان"، إذ تعهدت بتأمين مراكز إقامة مؤقتة لغير الراغبين بالعودة إلى مناطقهم الأصلية، كما أكدت التزامها بتسوية أوضاع كل الشبان الفارين من خدمة العلم وإعطاء مهلة 6 أشهر للمتخلفين عنها، دون أي ملاحقة قانونية، إلا أن الميليشيات المسلحة التي ترفض الحوار مع الحكومة السورية تبعا لأوامر واشنطن عرقلة عملية إجلاء قاطني الركبان، في وقت تحدثت فيه تقارير إعلامية عن قيام أحد العناصر المسلحة على رجل وزوجته أبديا الرغبة بالعودة إلى المناطق التي تسيطر عليها الدولة السورية.
في حال تم تفكيك المخيم الذي تعتبره الحكومة الأردنية تهديداً لأمنها القومي، فإن الميليشيات المسلحة غير الراغبة بعقد مصالحة مع الدولة السورية، ستنتقل إلى الشمال السوري، فيما تشير الاحتمالات إلى بقاء هذه الميليشيات في محيط القاعدة العسكرية غير الشرعية للاحتلال الأمريكي في منطقة "التنف"، بمهام حراسة وتأمين، إذ لا يبدو أن واشنطن ستغادر هذه القاعدة حتى وإن قبلت بتسوية ملف المخيم وتفكيكه.
المصدر: خاص
شارك المقال: