Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

العشائر ÷ 5=0

العشائر ÷ 5=0

 

محمود عبد اللطيف

 

عادت العشائر العربية إلى واجهة الحدث في المنطقة الشرقية، وذلك كنتيجة طبيعية لتسارع الأحداث في المنطقة، وتقول مصادر خاصة لـ "جريدتنا"، إن الحكومة العراقية أطلقت بشكل غير وقف داعم لدمشق، بدأته بغداد من دعوة أمير قبيلة "الجبور"، الشيخ "نواف عبد العزيز المسلط"، بزيارة رسمية التقى فيها الرؤساء الثلاث "الجمهورية - البرلمان - الحكومة"، مع الإشارة هنا إلى أن "المسلط"، يتمتع بحضور خاص في البيت السعودي، لكون الملك السعودي السابق "زوج خالته"، وكان المسلط قد اتخذ موقفاً محايداً طيلة الأزمة السورية، ولم يكن قد صدر عنه أي تصريح طيلة السنوات الماضية، كما أن زيارته إلى العراق لم تشهد أي تصريح سياسي يتعلق بالأزمة السورية.

 

خلال الأزمة السورية حاولت الجهات المتعددة استقطاب العشائر العربية لصالحها، لما تشكله من ثقل في المحافظات الشرقية، وإن كانت "قوات سوريا الديمقراطية"، التي تعد القوة المتحكمة بالمنطقة تبعا للدعم الأمريكي الممنوح لها، تعتبر أن مسألة "فدرلة الشمال"، محسومة بفعل الأمر الواقع الذي تمارسه حالياً، فإنها - أي قسد - تعاني مما يمكن تسميته بـ "فوبيا العشائر"، ولمعرفتها بأن هذه العشائر تمثل الثقل البشري الأكبر، فهي تختلق صورة إعلامية تزعم من خلالها دعم العشائر العربية لـ "الإدارة الذاتية"، المعلنة من طرف واحد، وهذا الدعم هو مصنع إن صح التعبير، من خلال تنصيب "قسد"، لشخصيات مجهولة أو مغمورة لمناصب عشائرية تتحدث باسم "العشائر الكبرى" المعارضة لها، كـ "الجبور - طيء - البكارة - العكيدات"، ولا يمكن إنكار أن ٨٠% من حجم الكتلة البشرية لمقاتلي "قسد"، هم من أبناء العشائر الذين تم تجنيدهم بشكل إجباري أو طوعي من خلال الإغراء بالرواتب الضخمة، كما أن قبيلة "شمر"، تشكل أحد أهم أركان الدعم العشائري للميليشيات المدعومة من الاحتلال الأمريكي.

النظام التركي بدوره، يسعى للدفع بمن يواليه من شخصيات وميليشيات مشكلة من أبناء العشائر، إلى معركة ضد "قوات سوريا الديمقراطية"، يكون هدفها السيطرة على "دير الزور"، وبمعنى أدق السيطرة على كامل المناطق الواقعة شرق "نهر الفرات"، وهذا ما دفعه إلى استدعاء قادة الميليشيات العشائرية كـ "جيش أسود الشرقية" المنتشرة في عفرين ومناطق من "ريف حلب" الشمالي الشرقي، مع شخصيات أخرى مما يسمى بـ "المجلس الاعلى للعشائر السورية"، المشكل في تركيا، والتابع لـ "الائتلاف المعارض"، وهؤلاء يعلنون الولاء المطلق لـ "أنقرة"، والنظام الذي يترأسه "رجب طيب أردوغان"، وربما تكون هذه الميليشيات هي الستارة التي سيبرر من خلالها أردوغان هجومه على المناطق السورية المتعددة، لقتال الوحدات الكردية الموالية لـ "حزب العمال الكردستاني"، والأخير موضوع على لائحة المنظمات "الإرهابية" من قبل "مجلس الأمن"، ما سيحول المشهد في الشمال في حال اشتعال الحرب بين من يوالي "أردوغان" من العشائر، والوحدات الكردية إلى "إرهاب يقاتل إرهاب".

لا يستهان بالعدد الذي يوالي تنظيم "داعش"، من أبناء العشائر العربية، وهؤلاء لعبوا دوراً أساسياً في الترسيخ لوجود التنظيم كـ "معتقد"، يؤمن به عدد ليس بالقليل من أبناء العشائر العربية، وأكثر ما يثير مخاوف المدنيين القاطنين في المحافظات الشرقية، هو عودة ظهور التنظيم بشكل جديد إذا ما نفذت "قوات سورية الديمقراطية"، تهديداتها بإطلاق سراح من تعتقلهم من عناصر "داعش".

يضاف إلى الانقسامات العشائرية، الموالون لـ "واشنطن"، في البادية السورية، والذين يتخذون من "مخيم الركبان"، معقلاً أساسياً لهم، وعناصر الميليشيات التي تنتشر في محيط التنف، ينقسمون إلى قسمين، الأول يتحدر من العشائر القاطنة بريف دير الزور، والثاني من أبناء العشائر القاطنة في مدن البادية السورية "مهين - القريتين - تدمر - السخنة"، ويشكل اندماجهم أكثر من ميليشيا تتبع القرار الأمريكي كـ  "جيش أحرار العشائر - جيش مغاوير الثورة - جيش أسود الشرقية"، والأخيرة كان قد غادر قسم منها إلى الشمال السوري واندمج مع الميليشيا التي تحمل ذات الاسم ويقودها المدعو "أبو عمشة"، الشهير بجرائم اغتصاب وابتزاز جنسي لزوجات وبنات عناصره، ويميز ميليشيات مخيم الركبان عن الداعمة لـ "قسد"، الخلافات التي تجمعهم مع الفصائل الكردية التابعة لـ "حزب الاتحاد الديمقراطي"، الموالي بدوره لـ "حزب العمال الكردستاني"، بزعمة المعتقل في تركيا "عبد الله أوجلان".

كبرى العشائر السورية توالي الدولة السورية، وإن كان أمير قبيلة طيء الشيخ "محمد الطائي"، قد أعلن موقفاً واضحاً ضد "قسد"، فإن الأخيرة حاولت أيضاً أن تنصب أحد أبناء عائلة البشير في منصب "أمير قبيلة البكارة"، بدلاً من الشيخ "نواف راغب البشير"، الذي أعلن في أكثر من مناسبة موقفه الداعم للدولة السورية، لدرجة تشكيل قوة عسكرية رديفة قاتلت في معارك فك الطوق عن مدينة "دير الزور"، التي تعد أحد أبرز مناطق انتشار قبيلته، كما إن آل "الهفل" الذين يعتبرون مشايخ قبيلة العكيدات، يعلنون ولائهم المطلق لـ "دمشق"، وإن كان موقف أمير قبيلة الجبور حيادياً طيلة سنوات الأزمة، فإن أبناء عمومته من آل المسلط"، يعلنون بشكل واضح الموقف الموالي للدولة السوري، وهذا يعني إن "قبيلة شمر"، هي الوحيدة التي تغرد بشكل كامل خارج سرب القبائل الكبرى في المنطقة الشرقية.

إن مواقف المشايخ أو وجهاء العشائر، لا تمثل إلا موقفا شخصياً إلى الآن، وما تحتاجه المنطقة الشرقية فعلاً، هو توحد في الموقف على مستوى الأفراد المنقسمين حالياً على "خمسة"، وهذا ما يجعل مشايخ العشائر تتردد في الذهاب نحو دعم عسكري للدولة السورية، وذلك خشية من اشتعال حروب الثأر فيما بعد الأزمة السورية، ولفهم المقصود، يمكن طرح قبيلة الشعيطات كمثال على انقسام العشيرة الواحدة، إذ إن قسماً من أبناء هذه القبيلة يشكلون ميليشيا "جيش أحرار العشائر" الموالية لـ "أنقرة"، ويشكلون ثقلاً قيادياً في الميليشيات المنتشرة في مخيم الركبان، كما أن الميليشيات المشكلة من أبناء هذه القبيلة كانت قد لعبت دور "رأس الحربة"، في حروب "قسد" المفترضة ضد "داعش" في الجيب الأخير له شرق نهر الفرات، وكانت كل من "قوة برق الشعيطات - فوج خبات الشعيطي"، قد لعبتا دوراً محورياً في معركة "باغوز فوقاني"، وإن كان تنظيم "داعش" قد ارتكب مجزرة بحق هذه العشيرة قد راح ضحيتها نحو ١٢٥٠ شخصاً، فإن ذلك لم يمنع أن يكون ثمة موالين للتنظيم من أبناء هذه القبيلة وصلوا إلى مناصب قيادية بارزة كـ "أبو البراء الشعيطي"، الذي ظهر في أكثر من تسجيل فيديو ينفذ حكم الإعدام الصادر من قيادة التنظيم بحق أشخاص من أبناء ريف دير الزور، أما القسم الخامس من أبناء هذه القبيلة فقد قاتل إلى جانب الدولة السورية طيلة سنوات الحصار الذي فرضه التنظيم على دير الزور، بقيادة الشهيد "أبو محمد الشعيطي"، الذي حضرت مجموعته أيضاً في المعارك التي تصدى من خلالها الجيش لهجوم "داعش"، على مدينة الحسكة في أيلول من العام ٢٠١٥. 

 

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: