Thursday May 2, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

الانتخابات الإسرائيلية: التنافس لم يعد بين الصقور والحمائم

الانتخابات الإسرائيلية: التنافس لم يعد بين الصقور والحمائم

فارس الجيرودي

بينما كانت التنافس في الانتخابات الإسرائيلية يجري تقليدياً بين حزب "العمل" الذي يصنف حزباً يسارياً، وبين "الليكود" اليميني، بدأ الانزياح تدريجياً في المشهد السياسي الإسرائيلي باتجاه اليمين منذ لحظة اغتيال "اسحق رابين" عام 1995 ، وترسخ ذلك الانزياح نحو اليمين مع انتصار الشاب وقتها "بنيامين نتنياهو" على أحد أهم الزعامات الصهيونية المؤسسة  للكيان الصهيوني  "شمعون بيريز" صاحب مشروع السلام « الشرق الأوسط الجديد» في انتخابات عام 1996، حتى وصلنا اليوم إلى وضع تكاد فيه أحزاب اليمين الإسرائيلية المتطرفة تحتكر الكنيست، فحتى حزب العمل انزاح نحو الوسط متخلياً عن مواقفه التي كانت تدعو لاعطاء تنازلات  ما ولو شكلية للعرب فيما يخص الأراضي المحتلة عام 1967، مقابل الحصول على اعترافٍ بإسرائيل ومنحها دوراً اقليمياً.

 بل إن التنافس اليوم بين الأحزاب الإسرائيلية أضحى على من يمتلك برامج أكثر تشدداً وأقل إيجابية نحو "عملية السلام" التي يبدو أنها ماتت دون إعلان رسمي عن وفاتها.

  فباستثناء حزب "ميرتس" اليساري الذي حصل على 5 مقاعد فقط في الكنيست الجديد، بالإضافة لكتلة عرب 1948 التي تصنف عملياً خارج اللعبة السياسية الإسرائيلية، تبدو بقية الأحزاب التي نجحت بالحصول على كتل في الكنيست يمينية حتى ولو صنفت كأحزاب وسط، كحزب "أبيض-أزرق" الذي مثل تجمعاً لرؤساء الأركان الإسرائيليين السابقين، واستطاع بسبب الصبغة العسكرية التي تجمع بين وجوه ممثليه، منافسةً لليكود، ليس عبر اقتراح تقديم أي تنازلات للفلسطينيين تزيد عما يقدمه الليكود، بل إن بيني غانتس زعيم "أبيض-أزرق" حاول منافسة خطاب نتنياهو المتشدد تجاه السلطة الفسطينية، مما دفع بنتنياهو بدوره لرفع مستوى التشدد والاقتراب من خطاب أقصى اليمين المتشدد الذي يمثله ليبرمان وزير دفاعه السابق.

ولعل المساهم الأكبر في هذا الواقع البائس الذي وصلته ما يسمى بعملية السلام، هو رئيس السلطة الفلسطينية "محمود عباس" نفسه الذي أعلن تعليقاً على الانتخابات الإسرائيلية أنه «ينتظر أن ينتخب الإسرائيليون حكومة مستعدةً للسلام»، فالمقاومة الفلسطينية المسلحة كانت العامل الأهم الذي  يجبر المجتمع الإسرائيلي على تقديم تنازلات للفلسطينيين،  ومع تقلص العمليات ضد الاحتلال ومستوطنيه انطلاقاً من الضفة الغربية نتيجة عملية "التنسيق الأمني" مع الاحتلال التي تمارسها سلطة عباس، تراجع هذا العامل الضاغط على الإسرائيليين إلى الحدود الدنيا، فالضفة الغربية هي المنطقة الأخطر التي يمكن منها استهداف قلب إسرائيل، بينما تقع بؤرة المقاومة المتبقية غزة بعيدة نسبياً عن المراكز الحيوية الصهيونية، وهي تعيش ظروف حصار صعبة من قبل القريب المصري قبل العدو الصهيوني.

 العامل الثاني الذي أدى لانتهاء معسكر ما كان بعرف بـ"الحمائم" في إسرائيل، هو وصول إدارة أمريكية إلى البيت الأبيض تتبنى الخطاب الراديكالي الصهيوني اليميني المتطرف بحذافيره، بينما أدت الإدارات الأمريكية السابقة أدواراً في عقلنة إسرائيل عبر الضغط عليها من أجل تقديم تنازلات ولو شكلية للعرب، تضمن من خلالها شرعية وجودها في المنطقة، على اعتبار أنها في النهاية كيانٌ معزول يعيش وسط جغرافيا معادية، ولا تساعده  معدلات النمو الديمغرافي الكبير للفلسطينيين في مقابل انخفاض نسب النمو والهجرة الصهيونية، على ضم المزيد من الأراضي.

لذلك يبدو المشروع القادم بالنسبة للحكومة الإسرائيلية المقبلة هو مشروع ضم مستوطنات الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية رسمياً، وهو ما وعد به "يسرائيل كاتس" أحد نواب الليكود.

 

 

المصدر: خاص

شارك المقال: