على أمل أن يكون للسوريين صبر أيوب
نور ملحم
الحمد الله توقفت الحرب والقذائف باتت من الماضي البائس، جملة سمعناها كثيراً في البداية رغم معرفتنا أن حياتنا ليست بخير، وبأن ما نعيشه اليوم أصعب بكثير مما عشناه في أقسى أيام الحرب، ولكن دون فائدة.
يعتقد البعض أن الوقت الراهن مجرد مشكلات اقتصادية ستمضي مثلما مضت السنوات الماضية، رغم علمه أن الموت البطيء أصعب بكثير من الموت المباشر الذي لا مهرب منه، ما نمرّ به الآن في كل لحظة من يومنا هو بمثابة موت، ولكنه موت مؤجّل ومُنتظر ولا نعلم متى سيأتي حقاً.
قد تكون المرة الأولى التي يقضي الباعة فيها معظم الأسواق أياماً كاملة دون أن يبيعوا قطعة واحدة، الأمر الذي لم يحدث حتى في أقسى أيام الحرب، أما الأسواق الشعبية فتبدو حركة الناس فيها أقل من المعتاد ومن يقصدونها لا يشترون إلا ما هو ضروري للغاية، مع ارتفاع أسعار كل شيء بشكل غير منضبط على الإطلاق، فثمن السلعة ذاتها قد يختلف من مكان لآخر ومن بائع لآخر، والحجج جاهزة دائماً: الليرة تنخفض والدولار يرتفع.
الأمر الذي جعل المواطن يحتار بما يمكن أن يحذفه من قائمة طعامه المختصرة أصلاً، بعد أن نسي الكماليات منذ وقت طويل ولا يقف ارتفاع الأسعار عند حدود البضائع، بل يتجاوزه إلى ارتفاعات أخرى، فسائق التكسي يقرر عدم الالتزام بالتسعيرة المحددة ويرفعها كما يشاء، وصاحب المنزل يطلب من المستأجرين المزيد من النقود للأجرة الشهرية وحين يتجرأ أحد على الاعتراض يأتي الجواب جاهزاً: الأسعار كلها ارتفعت.
استوطن البؤس في العيون والوجوه حتى بات ملمحاً عامّاً مشتركاً، وبات معظم الناس يشترون بالقطعة بدلاً من الكيلو، لأنهم لا يملكون ثمن كيلو غرام من أي شيء، ناهيك عن أن اللحوم والدجاج والموز والجبن قد تحوّلت إلى حلم لدى الكثير من العائلات السورية، أما البيوت فهي باردة لا دفء بها، والوجوه شاحبة يعتصرها الهم والمرض والخوف المحدق بهم للإصابة بفيروس كورونا فالمشافي الخاصة أصبحت تتعامل وكأن المريض يدخل فندق خمس نجوم أما المشافي الحكومية فلا عتب عليها ضمن حجة العقوبات الاقتصادية والحصار الجائ، وليبقى اعتذار المسؤولين عبر الإعلام المرحلة حساسة وتحتاج لصبر.. على أمل أن يكون للسوريين صبر أيوب.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: