على الوعد يا كمون .. سكن للجميع بزمن الدمار
نور ملحم
تراجع بلدنا 20عاماً للخلف ... هذه خلاصة ما توصل إليه المستثمر جوزيف الباردوي من محافظة دمشق حينما أعلن عجزه عن إيصال الحقيقة المرة الذي يحاول أصحاب النفوذ في القطاع الاقتصاد والمال إخفائها من خلال تصريحات لا تعتبر إلا فقاعات هوائية ضمن المؤتمرات والمنتديات التي تعقد والتي غايتها التسويق لصالح شركات محددة لا أكثر
البارودي أحد المستثمرين الذين تضرروا بالعمل نتيجة القرارات الخاطئة التي تحد من عمل إعادة الإعمار في سوريا، يؤكد في تصريحه لـ "جريدتنا" إن «قطاع السكن عانى الكثير من العقبات قبل وبعد الحرب مما عكس آثاره السلبية على المواطنين، على شكل ارتفاع الأسعار بمعدّلٍ تجاوز عشرة أضعاف».
ويكمل جوزيف، «حوارات المسوؤلين خلال الجلسات التي عقدت بالمؤتمر الأول للإسكان، تحت شعار" الاستراتيجية الوطنية للإسكان" غير مقنعة أبداً وهي عبارة عن محاضرات تطرح لطلاب الجامعة، وللحظة الأولى أحسست أنني أعيش في زمن المعجزات، وبالأخص عندما تم الحديث عن حمص وحلمها التنظيمي، يبدو أنه لم يتابع أحد مدى الصعوبات التي نعاني منها، فالعقوبات منعت التعامل مع رجال أعمالٍ سوريين وتحويل الأموال إلى سوريا، وأصبح التجّار يبتكرون أساليب جديدةً مكلفةً للتحويل، وفتح الاعتمادات المصرفية بأساليب ملتوية، كما كان لارتفاع سعر الصرف أثره السلبي على قطاع الاقتصادي رغم استفادة فئات تجارية منه».
وفي الوقت الذي تقدر به "الأمم المتحدة"، كلفة الدمار في سوريا بنحو 388 مليار دولار يؤكد وزير الإسكان "سهيل عبد اللطيف" في تصريح لـ "جريدتنا" «عدم وجود أي إحصائية رسمية لنسبة الدمار الحاصل في سوريا نتيجة وجود العديد من المناطق خارج سيطرة الدولة السورية، لعدم التمكن الوصول إليها»، لافتاً إلى «أهمية إعداد إحصائية جديدة للمساكن المتضررة جزئياً بالتشارك مع جميع الجهات واستطلاع مقترحات المستثمرين حول المحفزات المطلوبة لدخول سوق العقارات».
وفي الوقت الذي نشاهد كل يوم عشرات العائلات نائمة في الشوراع والحدائق لفقدانها منزلها وعدم قدرتها على تأمين منزل بديل يشير "عبد اللطيف"، إلى عدالة توزيع السكن الاجتماعي ووصوله إلى الشريحة ذات الحاجة الفعلية عبر تطبيق معايير وضوابط دقيقة وعلمية وتحديد التشريعات الواجب تعديلها لتوظيف أموال المصارف في مجال المشاريع السكنية.
أما وزارة الإدارة المحلية فكان لها رأي مشابه للإسكان، وذلك من خلال مساهمة الوحدات الإدارية التابعة للوزارة في حصر أعداد المساكن المتضررة ضرراً كلياً أو جزئياً، وبحسب الأولويات بالتنسيق مع نقابة المهندسين والجهات الأخرى المتخصصة، وذلك بحال توفرت ظروف الاستقرار المناسبة وتوحيد المؤشرات بين كافة الجهات المعنية بجمع وتحليل البيانات.
وفي حين شجع المشاركون في المؤتمر باللجوء للاقتراض من المصارف العامة والخاصة التقليدية والإسلامية ضمن المعايير الناظمة إضافة إلى التمويل الخارجي عن طريق القروض من الدول والمنظمات الصديقة وطرح سندات خزينة وصكوك إسلامية حكومية لتمويل المشاريع السكنية التي تنفذ من قبلها كما يمكن للجهات الخاصة المعنية أيضاً اللجوء إلى طرح الصكوك الإسلامية لتأمين التمويل اللازم لمشاريعها.
يعلق الباحث المصرفي "علي محمود" على الموضوع قائلاً: «هناك كمية هائلة من الكتلة النقدية المقترضة سابقاً أصبحت في حكم الديون المستهلكة نتيجة عدم إمكانية السداد سواء لدى الجهة المقترضة لدمار المنشأة أو المسكن المسحوب عليه القرض وسوء الوضع المالي للمواطن السوري بشكل عام وعدم إمكانية تحصيل الأموال في المناطق المتوترة بالنسبة للمصرف، كما أن انخفاض القيمة الشرائية للعملة الوطنية تجاه المتغيرات الاقتصادية من الخارج الأمر الذي يجعل التحصيل غير ذي جدوى».
ويضيف "المحمود"، «منع التعامل والعقوبات المالية المفروضة على المصارف السورية، كل هذه الظروف أدت إلى خسائر غير مسبوقة في القطاع المصرفي وصلت وحسب الإحصائيات إلى ما يزيد عن 9 مليارات دولار تسعة مليارات دولار لذلك فأن الاعتماد عليها لإعادة بناء ما دمره الإرهاب صعب ومستحيل ضمن هذه الظروف».
"ظروف الحرب القاسية" الجملة التي باتت بداية كل كلمة تطرح في أي مؤتمر، وهاهو رئيس الحكومة "عماد خميس" يعتقد أن تراجع إيرادات خزينة الدولة وزيادة أعباء الإنفاق العام هو نتيجة الظروف القاسية وليس نتيجة القرارات الخطأ والتي باتت تتكرر خلال السنوات التسع.
ورغم هذه الظروف التي بتاتت شمعة نعلق عليها جميع نكساتنا الاقتصادية فأن رئيس الحكومة يتباهى بحديثه عن الاستمرار بالمهام تجاه مواطنين، في جميع المجالات والقطاعات، ومن بينها قطاع الإسكان، الذي استحوذ على اهتمام خاص من قبل الحكومة، وهذا ما تظهره المؤشرات الكثيرة التي ذخر بها هذا القطاع خلال السنوات الماضية، فمثلاً في مجال تشييد المساكن الاجتماعية، تم خلال سنوات الحرب تشييد نحو 40 ألف شقة سكنية بكلفة إجمالية تبلغ نحو 400 مليار ليرة، تدفعها الدولة كاملة عند التنفيذ والإكساء، ويسددها المكتتبون تقسيطاً على فترات زمنية تصل إلى 25 عاماً.
وبحسب تصريح خميس فأنه تم مساعدة المواطنين المتضررين من الأعمال الإرهابية على إعادة ترميم ما دمرته الحرب في مشروعات السكن الاجتماعي، وقال «هنا، تشير نتائج أعمال المؤسسات الحكومية المعنية إلى أنه تم الانتهاء من ترميم ما يقرب من 4 آلاف مسكن، في حين لا تزال الأعمال مستمرة للترميم.. وهناك دراسة لمشروعات أخرى مع كل منطقة تحرر من براثن الإرهاب والقتل والتخريب" ... يبدو أن الشعب السوري يعيش في ثبات شتوي ولم يستيقظ بعد على إنجازات حكومتنا التي نسمع بها عبر المؤتمرات فقط.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: