ابن فان غال وحفيد كرويف يصنع ربيع "الكرة الشاملة" الجديد
بقلم : هاني سكر
واصل أياكس سلسلة عروضه الذهبية ودخل الشهر الأخير من الموسم بطموح تحقيق الثلاثية التاريخية، ففي الدوري يتسيد الفريق اللائحة مع معدل أهداف يتجاوز حد "3,5" بالمباراة الواحدة، وبالكأس تنتظر الفريق مواجهة أمام فيليم بالنهائي أما أوروبياً فبات طريق النهائي مفتوحاً بعد الفوز بمعقل توتنهام في ذهاب نصف النهائي.
ما يحدث مع أياكس هو أبعد ما يمكن عن الطفرة فالنادي عمل منذ سنوات طويلة على تطوير هذا المشروع، ووصوله لنهائي الدوري الأوروبي قبل سنتين لم يكُن إلا إشارة لقرب نجاح المشروع الذي وضع يوهان كرويف أساساته عام 2010 بظل عدم رضاه عن وضعية الفريق وتابع بعدها هذا المشروع حتى وفاته عام 2016.
كرويف عاد لأياكس كمدير تقني عام 2008 لكن رحلته لم تستمر طويلاً بسبب خلافه مع مدرب الفريق الأول ماركو فان باستن وفي 2011 عاد كرويف للعمل ضمن النادي كمستشار لكنه تأثر بالتقلبات الإدارية التي سيطرت على أياكس لحوالي عام، واللافت أن فان دير سار والآخرين أكدوا بأن كرويف كان الوحيد الساعي للحفاظ على الجيل الشاب ضمن هذه التقلبات وبنهاية التخبط الإداري تم الاتفاق مع كرويف عام 2012 ليستمر بالعمل مع النادي وارتبطت مهمته بإعادة أسلوب أياكس للحياة.
أياكس هو أول رافعي راية النجاح للكرة الشاملة أوروبياً وكان ذلك في مطلع السبعينيات حين أسس رينوس ميكيلز لجيل أياكس الذهبي الذي فاز بثلاثة ألقاب متتالية بدوري الأبطال "1970\1971-1971\1972-1972\1973" لكن الملفت أن رحيل ميكيلز بعد تحقيق النادي للقب الأول لم يؤثر تماماً على الفريق الذي حافظ على ذات النهج بالموسمين التاليين قبل أن يبدأ المشروع بالانهيار عقب لحاق كرويف بميكيلز إلى برشلونة لتبدأ رحلتهما بنقل الفكر الهولندي لمعقل الفريق الكاتالوني.
أياكس بقي وفياً لتقاليده لكنه لم يصعد للقمة من جديد إلى أن جاء مدرب شاب بأفكار كبيرة جداً لتطوير المواهب وهو لويس فان غال الذي قدم للعالم نجوماً كباراً بحجم فان دير سار وكلويفرت وأوفيرمارس وديفيدز والثنائي دي بور ورايزيغير وسيدورف ومرة أخرى كان لبرشلونة نصيب الأسد من استغلال ما حققه أياكس حين فاز بدوري الأبطال موسم 1994\1995 ليتعاقد بعدها مع فان غال وينجح تدريجياً بضم العديد من نجوم الفريق وبالفترة الثالثة لأياكس كان برشلونة مرة أخرى أول المستفيدين حين تعاقد مع فرينكي دي يونغ بانتظار ما إذا كان سينجح أيضاً بضم المزيد من اللاعبين عقب نهاية الموسم.
ما يميز أياكس هو التقاليد الكبيرة التي تمثل الكنز الأكبر للنادي فحين يعمل النجوم السابقون سوياً تجد الفرصة الأكبر للوصول للنجاح وهو ما حدث بمتابعة إيدوين فان دير سار لما بناه كرويف لكن كل هذا لم يكُن ليحدث لولا وجود مدرب قادر على استثمار كل هذه الأفكار وتوظيفها بشكل مناسب بالفريق الأول فمعادلة خلق فريق شاب يلعب كرة هجومية ويحقق النجاحات الكبيرة قد تكون الأصعب بكرة القدم بسبب المخاطرة الكبيرة التي قد يتسبب بها هذا الأسلوب لكن أفكار تين هاغ الناجحة كانت سبباً بقيادة الفريق للقمة حيث حول البصمة الأساسية للفريق مرتبطة باللعب السريع وتخلى عن مركز رأس الحربة لصالح إيجاد مجموعة من اللاعبين القادرين على الضغط بنجاح في المقدمة فتسبب هذا بإرباك أكبر فرق أوروبا حيث كانوا يتفاجؤون بالانتشار السليم لـ4 أو 5 لاعبين بالنصف الأمامي والضغط الممتازالذي كان لا يعطي أيّة فرصة للانطلاق بشكل جيد وكل هذا كان كفيلاً بالتغطية على العيوب العديدة للخط الخلفي للفريق.
لم يتواجد تين هاغ \49 عاماً\ بصفوف أياكس بمسيرته كلاعب وبدأ العمل كمدرب عام 2012 مع فريق غو أهيد إيغلز قبل أن ينتقل للعمل مع رديف بايرن ميونيخ عام 2013 حيث سعى النادي لإيجاد مدرب يناسب أفكار بيب غوارديولا للحفاظ على الهوية العامة التي رغب النادي بخلقها لكن رحلة تين هاغ في ألمانيا لم تمتد لأكثر من موسمين قبل أن يعمل مع أوتريخت بصفة مدرب ومدير رياضي بنفس الوقت ليقود النادي لتحقيق إنجاز تاريخي تمثل بتحقيقه المركز الرابع بالموسم الثاني للمدرب وهو ما أهله للمشاركة بالدوري الأوروبي لتقتنع إدارة أياكس بأن هذا هو الرجل المناسب وتعينه في ديسمبر 2017 بعد التخلي عن مارسيل كايزر بمنتصف الموسم ولم يحتج تين هاغ إلا لأشهر فقط كي يبني معجزته الأكبر تدريبياً.
أحد أكبر الأسئلة التي تحيط بأياكس حالياً ترتبط بمدى قدرة النادي على الحفاظ على هذا المشروع وبالواقع تبدو الفرصة ضعيفة للغاية لكن هذا قد لا يعني بالضرورة انهيار الفريق فالمنطق يقول أن النادي سيتمكن من الحفاظ على موهوب أو اثنين على الأقل وسيدعمهم بجيل الشبان التالي لأن الأخبار القادمة من هولندا تؤكد أن الأجيال القادمة بأياكس لا تقل جمالاً عن الجيل الحالي.
بالمنطق سيكون على معظم اللاعبين البحث عن مشروع مشابه لأياكس من حيث أسلوب اللعب فلاعب مثل فان دي بيك لن ينجح إن تواجد مع مدرب لا يحبذ تواجد لاعب بالمركز رقم 10 مثلاً فهو لاعب يتميز بقدرته على التحرك بعشوائية قاتلة تضرب دفاع أي خصم وذات الأمر ينطبق على زياش أما دي ليخت فسيحتاج لمدرب يساعده على تطوير موهبته بظل عدم اكتمال نضجه بعد وبالتالي قد يكون انتقاله بسعر عالٍ الخطوة الأولى نحو تدميره.
بعد تحقيق لقب دوري الأبطال عام 1995 نجح العديد من نجوم أياكس بفرض ذاتهم على الساحة الأوروبية لكن في 2019 قد تبدو المعطيات مختلفة تماماً فهل سيتمكن هؤلاء الفتيان من إثبات ذاتهم بأوروبا؟ أم أن رحيلهم سيعني القضاء على مشروع أياكس وعليهم أيضاً؟
شارك المقال: