6 ساعات فقط لتصريف قسيمة الـ«100 $» أو «الله يعوضك»
خلال العام ١٩١٩ حاولت السلطات البريطانية التي كانت تحتل الهند آنذاك، القضاء على وجود أفاعي "الكوبرا"، التي كان انتشارها يفزع البريطانيين المحتلين للهند، فقرروا حينها أن يدفعوا مكافئة مالية لكل من يسلم أفعى كوبرا مقتولة للسلطات البريطانية، حينها وجد الهنود في الأمر فرصة لكسب المال، فراحوا يربون الـ "كوبرا"، ويكثرون من عددها ليقوموا بقتل الفراخ وتسليمها للسلطات البريطانية مقابل الحصول على المال، وتحول الأمر لـ "تجارة"، وحين أحست قادة الاحتلال البريطاني بالأمر، قرروا التراجع عن قرارهم فما كان من الهنود إلا أن أفلتوا ما يملكونه من أفاعي "الكوبرا"، في الشوارع لعدم حاجتهم إليها، فزاد عدد الأفاعي عما كان سابقاً بمئات المرات، وهذه الحادثة تشير إلى أن القرارات الارتجالية غير المحسوبة قد تفضي إلى كوارث ومشاكل لا تحمد عقباها، ويبدو أن أياً من المسؤولين في سوريا لم يقرأ يوما كتاباً للتاريخ أو حتى لم يسمع بقصة "الكوبرا الهندية"، ولذا من الطبيعي أن تجد الكثير من القرارات الارتجالية من قبل المسؤولين، التي تبررها تصريحات مثيرة للجدل مثل قول وزير المالية السوري "مأمون حمدان"، إنه «من غير المنطقي ألا يمتلك السوري العائد من خارج البلاد مبلغ ١٠٠ دولار أمريكي»، علماً أن من بين السوريين القاطنين في لبنان طلاباً وعمالاً لا يتجاوز أجرهم الشهري ما يكفي معيشتهم، ناهيك عن اللاجئين السوريين الذين يعيشون في ظروف سيئة.
مع دخول قرار إلزامية تصريف ١٠٠ دولار أمريكي من قبل السوريين العائدين إلى البلاد حيز التنفيذ، تفاجئ العائدون يقومون بتسليم المبلغ المطلوب عند البوابات الحدودية ويحصلون على إيصال يتم صرفه من المصرف التجاري أو مصرف سوريا المركزي خلال مدة "ست ساعات"، وإذا ما تم تجاوز المهلة المحددة يفقد الإيصال صلاحيته ولا يصرف.
أحد المواطنين قال إنه «حصل على الإيصال وقرر أن يذهب نحو المصرف التجاري قبل أن شيء، وحين وصوله قبل موعد انتهاء الإيصال بنصف ساعة إلى المصرف المركزي تفاجئ بطول طابور الواقفين على الكوة المخصصة لصرف الإيصالات الخاصة بالعائدين، إلا أن حظه السيء جعل وصوله إلى الكوة مترافقاً بانقطاع التيار الكهربائي نتيجة التقنين الذي تعيشه البلاد، وحينما قام عمال المصرف بتشغيل مولدة الكهرباء، كانت النصف ساعة التي تبقت من عمر الإيصال قد انقضت، واعتذرت الموظفة عن قبول تسلمه، مما أضاع على المواطن مبلغ "١35 ألف ليرة سورية"، وهي قيمة الـ ١٠٠ دولار التي سلمها عند البوابة الحدودية مع لبنان، وفقاً للسعر الذي حدده المصرف المركزي.
بغض النظر عن صحة الرواية التي قصها المواطن، إلا أن الصورة التي حصلت عليها "جريدتنا"، للإيصال تؤكد مدة صلاحية الإيصال بالساعات الست، وبالتالي ما الذي يفعله المواطن الذي سيعود إلى البلاد خلال عطلة العيد أو العطل الرسمية، أو ما الذي سيفعله مواطن تعطلت سيارته بعد المرور من البوابة الحدودية وتقطعت به السبل ولم يصل إلى مقر أحد فروع المصرف التجاري أو المصرف المركزي ضمن الدوام الرسمي، وهل هذا القرار يعني أن العودة إلى البلاد ممنوعة على السوريين خارج أوقات الدوام الرسمي..؟
من المعروف أن المكان الوحيد الأكثر أمناً للأموال هي البنوك الحكومية التي لا يمكن أن يضيع فيها مال المواطن، إلا أن مهلة الساعات الست تعيد فتح باب الجدل حول قرار إلزامية التصريف عند البوابات الحدودية بعد أن كان الشارع السوري قد نسيها بالمرة وراح نحو الإلتزام بالقرار، لكن ما الذي سيفعله الآن من يريد العودة إلى البلاد..؟، هل يقبل بضياع مبلغ 135 ألف ليرة سورية تقريباً في ظل الأزمات التي يعيشها المواطن من ذوي الدخل المحدود والمعدوم، ثم ما هي قانونية منح إيصال مرهون بمدة محددة وإلا ضاع المبلغ على أصحابه.
وإذّ كانت "جريدتنا"، لا تتبنى مصداقية الصورة لعدم إمكانية التأكد من صحتها من مصدر رسمي في المصرف التجاري، فإننا نضع ما نشر برسم الجهات المخولة بإصدار توضيح رسمي حول صحة وجود مهلة محددة لصرف هذه الإيصالات من عدمها.
المصدر: خاص
شارك المقال: